للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قام مقام الإمام لا يكبر حتى يأتيه رجل قد وكله بإقامة الصفوف فيخبره أنهم قد استووا فيكبر حينئذ. وكذلك كان يفعل عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

وروى أن بلالاً المؤذن رضي الله عنه كان يسوى الصفوف ويضرب عراقيبهم بالدرة حتى يستووا.

وقال بعض العلماء: إن الظاهر من هذا أنه كان يفعل ذلك على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند إقامته قبل أن يدخل في الصلاة لأن بلالاً رضي الله عنه لم يؤذن لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا يوماً واحداً عند مرجعه من الشام في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بسؤاله وسؤال الصحابة رضي الله عنهم شوقاً إلى رسول الله -صلى الله عله وسلم- وعهده، فلما بلغ بلال رضي الله عنه إلى قوله: أشهد أن محمداً رسول الله، امتنع من الآذان فلم يقدر عليه، فسقط مغشياً عليه حباً للنبي -صلى الله عليه وسلم- وشوقاً إليه، واشتد عند ذلك بكاء أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى خرجت العوائق من خدورهن شوقاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فثبت بذلك أن ضربه لعراقيب الناس كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وينبغي للإمام ألا يدخل طاقة القبلة فيمنع من ورائه رؤيته، بل يخرج منه قليلاً.

وعن إمامنا أحمد رحمه الله رواية أخرى: أنه يستحب قيامه فيه، ولا يقف مقاماً أعلى من مقام المأمومين، فإن فعل فهل تبطل صلاته على وجهين.

وينبغي له إذا سلم من صلاته ألا يلبث في محرابه، وليقم وليتنح إلى يساره، فليأت بتنفله ناحية من المحراب، لما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يتطوع الإمام في مقامه الذي يصلى فيه بالناس المكتوبة" وأما المأموم فجائز له ذلك، وهو مخير إن شاء صلى في موضعه أو يتأخر قليلاً.

وينبغي أن تكون له سكتتان سكتة عند افتتاح الصلاة وسكتة إذا فرغ من القراءة قبل أن يركع حتى يتنفس ويسكن وهج قراءته، ولا يصل قراءته بتكبيرة الركوع، لأن ذلك مروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.

وينبغي إذا صلى إلى سترة أن يدنو منها، ولا يدع بينه وبينها فرجة بعيدة لئلا يمر بينهما كلب أسود بهيم أو حمار أو امرأة، فإن صلاته تنقطع بذلك عند أحمد إمامنا

<<  <  ج: ص:  >  >>