واعلم أن جميع ما يوجد من النقص في الصلاة والزكاة وسائر العبادات لسكوت أهل العلم والفقه والتصبر عنهم وترك النصيحة والتعليم والتأديب، فينشأ ذلك أولًا من أهل الجهل، ثم يعلم أهل العلم وينسب إليهم.
ومن العجب لو أن رجلًا رأى من يسرق حبة واحدة أو رغيفًا من إنسان يهودي أو مسلم لم يتمالك من نفسه حتى يصبح عليه ويزجره ويقبح له ذلك، وإذا رأى من يصلي ويسرق أركان الصلاة ويسقطها مع الواجب ويسابق الإمام سكت عنه ولا ينطق، فينكر عليه ويعلمه ويستهين أمره.
وقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"شر الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاته؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: لا يتم ركوعها ولا سجودها".
وعن الحسن البصري رحمه الله قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ألا أخبركم بشر الناس سرقة؟ قالوا: بلى، من هو يا رسول الله؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: الذي لا يتم ركوع الصلاة ولا سجودها".
وقال سلمان الفارسي -رضي الله عنه-: الصلاة مكيال، فمن وفى وفى له، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله تعالى في المطففين.
وعن عبد الله بن علي أو علي بن شيبان -رضي الله عنه-، وكان من الوفد الذين وفدوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينظر الله إلى صلاة عبد لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "إن رجلًا دخل المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد فصلى، ثم جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلم عليه، فرد عليه السلام وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل فصلي كما صلى، ثم جاء فسلم، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ارجع فصل فإنك لم تصل ففعل ذلك ثلاث مرات، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر