لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً".
فليجتهد العاقل المؤمن في خلاص نفسه من الحقوق اللازمة عليه قبل الموت من الذنوب والمظالم والديون، فإن لم يفعل فليقطع وليتيقن أنه سيكون مرتهناً بها ومؤاخذاً ومعاقباً غداً في قبره حين تنقطع القوى وتبطل الحيل والحواس ويهجره الأهل والجيران، ويتظافر على ماله الأعداء والخلان من الرجال والنساء والولدان، فلا ينجيه من تبعتها إلا الأداء في الدنيا والاستحلال والتوبة والإذعان، أو تغمد الرحيم برأفته ورحمته إذ هو أرحم الراحمين، فيعوض أصحابها بما يشاء في دار الخلود والجنان.
روى عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أنه قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى على جنازة، فلما انصرف قال: هل هاهنا من آل فلان أحد؟ فقال رجل: أنا، فقال له -عليه الصلاة والسلام-: إن فلاناً مأسور بدينه، قال: فلقد رأيت أهله ومن يتحرق عليه قاموا يقضون عنه حتى ما بقي أحد يطلبه بشيء" وفي لفظ آخر قال: "إن فلاناً محبوس بباب الجنة بدين عليه".
وعن علي -رضي الله عنه- أنه قال: "مات رجل من أهل الصفة فقيل: يا رسول الله ترك ديناراً ودرهماً، فقال -صلى الله عليه وسلم-: كيتان، صلوا على صاحبكم وكان ديناً عليه".
وفي حديث آخر "شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جنازة رجل من الأنصار فقال: أعليه دين؟ فقالوا: نعم، فرجع، فقال علي -رضي الله عنه-: أنا ضامن ما عليه، فرجع فصلى عليه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: يا علي فك الله رقبتك كما فككت عن أخيك المسلم، ما من رجل يفك عن رجل دينه إلا فكه الله به يوم القيامة".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يؤخذ للشاة الجماء من الشاة القرناء".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش فإن الله لا