وأما المتنزه عنه فهو كل لبسة يكون بها مشتهرًا بين الناس، كالخروج عن عادة أهل بلده وعشيرته فينبغي أن يلبس ما يلبسون ولا يباينهم فيها حتى لا يشار إليه بالأصابع ويغتاب فيكون ذلك سببًا إلى حملهم على غيبته، فيشاركهم في إثم الغيبة له.
(فصل) ولنا قسمان آخران في: اللباس:
أحدهما: واجب، والآخر: مندوب.
فأما الواجب فعلى ضربين:
أحدهما: يرجع إلى حق الله تعالى.
والثاني: إلى حق الإنسان خاصة.
فأما الذي لحق الله تعالى فهو سترة العورة عن أعين الناس على ما بيناه في فصل التعري.
وأما الذي لحق الإنسان فهو الذي يتوقى به من الحر والبرد وأنواع المضار. فيجب عليه ذلك، ولا يجوز تركه، لأن فيه عونًا على إتلاف نفسه وذلك حرام.
وأما المندوب فكذلك ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: في حق الله تعالى، وهو الرداء إذا كان في جماعة ومجمع الناس فلا يعري منكبيه من شيء من الثياب الجميلة، كالأعياد والجمع وغير ذلك.
والقسم الثاني: في حق المخلوقين وهو ما يتجملون به بينهم من أنواع الثياب المباحة، ولا يزري بصاحبه، ولا ينقص مروءته بينهم.
ويكره الاقتعاط وهو التعمم بغير الحنك.
ويستحب التلحي وهو إذا كان بالحنك.
ويكره كل ما خالف زي العرب وشابه زي الأعاجم.
وتطويل الذيل مكروه، لأنه ورد في الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزره بطرًا لم ينظر الله إليه)) ذكره أبو داود بإسناد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم-.