يكافئه بفعاله، ويحتمل ذلك لله تبارك وتعالى، ولا يكافئه بقول ولا فعل، فإن هذه الخصال ترفع صاحبها في الدرجات العلا، إذا تأدب بها ينال منزلة شريفة في الدنيا والآخرة، والحب والمودة في قلوب الخلق أجمعين، من قريب وبعيد، وإجابة الدعوة والعلو في الخير، والعز في الدنيا في قلوب المؤمنين.
والسادسة: ألا يقطع الشهادة على أحد من أهل القبلة بشرك ولا كفر ولا نفاق، فإنه اقرب للرحمة وأعلى في الدرجة، وهي تمام السنة وأبعد عن الدخول في علم الله سبحانه وتعالى، وأبعد من مقت الله عز وجل، وأقرب إلى رضا الله تعالى ورحمته، فإنه باب شريف كريم على الله، يورث العبد الرحمة للخلق أجمعين.
والسابعة: يجتنب النظر والهم إلى شيء من المعاصي ظاهرًا وباطنًا، ويكف عنها جوارحه، فإن ذلك من أسرع الأعمال ثوابًا للقلب والجوارح في عاجل الدنيا، مع ما يدخل الله تعالى له من خير الآخرة، نسأل الله تعالى أن يمن علينا أجمعين بالعمل بهذه الخصال، وأن يخرج شهواتنا من قلوبنا.
والثامنة: يجتنب أن يجعل على أحد من الخلق منه مؤنة صغيرة ولا كبيرة، بل يرفع مؤنته عن الخلق أجمعين، مما احتاج إليه واستغنى عنه، فإن ذلك تمام عزة العابدين وشرف المتقين، وبه يقوى على الأمر بالمعرفة والنهي عن المنكر، ويكون الخلق عنده أجمعون بمنزلة واحدة في الحق سواء، فإن كان كذلك نقله الله تعالى إلى الغنى واليقين والثقة به عز وجل، ولا يرفع أحدًا بهواه، ويكون الناس عنده في الحق سواء، ويقطع بأن هذا الباب عز المؤمنين وشرف المتقين، وهو أقرب باب إلى الإخلاص.
والتاسعة: ينبغي له أن يقطع طمعه من الآدميين لا يطمع نفسه في شيء مما في أيديهم، فإنه العز الأكبر، والغنى الخالص، والملك العظيم، والفخر الجليل، واليقين الصادق، والتوكل الشافعي الصحيح، وهو باب من أبواب الثقة بالله عز وجل، وهو باب من أبواب الزهد، وبه ينال الورع ويكمل نسكه، وهو من علامات المنقطعين إلى الله تبارك وتعالى.
الخصلة العاشرة: التواضع لأن بها يشيد محل العابد وتعلو درجته ويستكمل العز والرفعة عند الله تعالى وعند الخلق، ويقدر على ما يريد من أمر الدنيا والآخرة، وهذه الخصلة أصل الطاعات كلها وفروعها وكمالها، وبها يدرك العبد منازل الصالحين الراضين