يكتوون ولا يتطيرون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللهم اجعلهع منهم، فقام آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: سبقك بها عكاشة".
وحقيقة التوكل: تفويض الأمور إلى الله عز وجل، والتنقي عن ظلمات الاختيار والتدبير، والترقي إلى ساحات شهود الأحكام والتقدير، فيقطع العبد ألا تبديل للقسمة، فما قسم له لا يفوته، وما لم يقدر له لا يناله، فيسكن قلبه إلى ذلك، ويطمئن إلى وعد مولاه، فيأخذ من مولاه.
والتوكل ثلاث درجات: وهي التوكل، ثم التسليم، ثم التفويض، فالمتوكل يسكن إلى وعد ربه، وصاحب التسليم يكتفي بعلمه، وصاحب التفويض يرضى بحكمه.
وقيل: التوكل صفة الأنبياء، والتسليم صفة إبراهيم، والتفويض صفة نبينا صلوات الله عليهم أجمعين.
فالتوكل على كمال الحقيقة وقع لإبراهيم الخليل عليه السلام في الوقت الذي قال لجبريل عليه السلام: أما إليك فلا، لأنه غابت نفسه حتى لم يبق لها أثر، فلم ير مع الله تعالى غير الله عز وجل.
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: أول مقام في التوكل أن يكون العبد بين يدي الله عز وجل كالمبيت بين يدي الغاسل يقلبه كيف أراد، لا يكون له حركة ولا تدبير، فالمتوكل على الله سبحانه وتعالى يكون لا يسأل ولا يريد ولا يرد ولا يحبس.
وقال أيضًا: التوكل هو الاسترسال.
وقال حمدون رحمه الله تعالى: هو الاعتصام بالله عز وجل.