على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا".
وروى محمد بن كعب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه مما في يديه".
وكان عمر رضي الله عنه يتمثل بهذين البيتين:
هون عليك فإن الأمور ... بأمر الإله مقاديرها
فليس يأتيك مصروفها ... ولا عازب عنك مقدورها
وسئل يحيى بن معاذ رحمه الله تعالى: متى يكون الرجل متوكلاً؟ فقال: إذا رضي بالله وكيلاً.
وقال بشر رحمه الله تعالى: يقول أحدهم: توكلت على الله يكذب، واليه فإن لو توكل على الله رضي بما يفعل به.
وقال أبو تراب التخشبي رحمه الله تعالى: هو طرح البدن في العبودية وتعلق القلب بالربوبية، والطمأنينة إلى الكفاية، فإن أعطي شكر، وإن منع صبر.
وقال ذو النون المصري رحمه الله تعالى: التوكل: ترك تدبير النفس والانخلاع من الحول والقوة.
وقال ذو النون رحمه الله تعالى أيضًا لرجل سأله عن التوكل فقال: هو خلع الأرباب، وقطع الأسباب، فقال له السائل: زدني، فقال: إلقاء النفس في العبودية وإخراجها من الربوبية.
وقال أيضًا: هو انقطاع المطامع.
وأما الحركة بالظاهر التي هي الكسب بالسنة فلا تنافي توكل القلب بعدما يتحقق العبد أن التقدير من قبل الله تعالى في قلبه، لأن محل التوكل القلب، وهو تحقيق الإيمان، فمن أنكر الكسب فقد أنكر السنة، ومن أنكر التوكل فقد أنكر الإيمان، فإن تعسر شيء من الأسباب فبتقدير الله عز وجل، وإن تيسر شيء منها فتيسيره عز وجل، فتكون جوارحه وظواهره متحركة في السبب بأمر الله عز وجل، وباطنه ساكن لوعد