للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما ما ينضم إلى الملاهي فمحظور، سواء خلا عن السخف أو قارن السخف، إلا أنه إذا قارنه سخف حصل الحظر لعلتين.

وتكره قراءة القرآن بالألحان المشبهة بأصوات الأغاني المطربة إعظامًا له وتنزيهًا.

لأن الغالب من ذلك إخراج الكلام عن سننه، وإسقاط الإطالة والهمز في موضعه، وإطالة المقصور وقصر الممدود وإدغام الحروف.

ولأن ثمرة القراءة خشية الله عز وجل، وتجديد التوبة عند سماع مواعظه والاعتبار ببراهينه وقصصه وأمثاله والتشوق إلى وعده، وذلك يزول بطيب سماعه، قال الله عز وجل: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون} [الأنفال: ٢]، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن} [النساء: ٨٢، ومحمد: ٢٤]، وقوله جل وعلا: {ليدبروا آياته} [ص: ٢٩]، وقوله تعالى: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} [المائدة: ٨٣].

والألحان المطربة تحول بين ذلك، فكره لأجل ذلك.

ولا يسافر بالمصحف إلى أهل الحرب، حتى لا ينالوا منه، ويستخفوا بحرمته.

ولا يستمع إلى أصوات الأجنبيات من شواب النساء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ((التسبيح للرجال والتصفيق للنساء))، هذا إذا ناب المصلى نائب في صلاته فكيف بالشعر والغناء والغزل والأمور المهيجة لطباع الناس من ذكر صفات العشاق والمعشوقين ودقائق صفات المحبة والميل وصفات المشتهاة التي تتوق النفس إلى سماعها، فتهيج دواعي السامع وتثير طبعه إلى المحارم، فلا يجوز لأحد سماع ذلك.

وإن قال قائل إني أسمعها على معان أسلم فيها عند الله تعالى، كذبناه؛ لأن الشرع لم يفرق بين ذلك، ولو جاز لأحد لجاز للأنبياء عليهم السلام، ولو كان ذلك عذرًا لأجزنا سماع القيان لمن يدعي أنه لا يطربه، وشرب المسكر لمن يدعي أنه لا يسكره.

فلو قال: عادتي أني متى شربت الخمر انكففت عن الحرام، لم نبحه له.

ولو قال: عادتي أني شهدت المردان والأجنبيات وخلوت بهن اعتبرت في حسنهم، لم نجز له ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>