فلا شك أن الله -تعالى- قادر على أن يفعل جميع ذلك، وأنه يسبب ما شاء من المسببات على ما شاء من الأسباب، وأما بالنسبة إلى ثبوت وقوع مثل ذلك بالفعل فلم يقم عليه دليل مقنع.
فغالب ما يستدل عليه به قائله حكايات لم تثبت عن عدول، ويجوز أن يكون ما وقع منها من جنس الشعوذة، والأخذ بالعيون، لا قلب الحقيقة مثلاً إلى حقيقة أخرى، والله تعالى أعلم. (١)
٣ - الفائدة الثالثة: في حكم السحر و الساحر:
وأما السحر فهو أمر محرَّم بالكتاب والسنة والإجماع، وغالبه لا يحصل إلا بالشرك بالله عزوجل؛ وهذا هو سبب إدراج العلماء لباب السحر ضمن أبواب الاعتقاد.
وبيان ذلك أن السحر أحد أهم رؤوس الاستمتاع المتبادل بين الجن والإنس، كما قال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)} (الأنعام: ١٢٨)
فإنَّ الشياطين لا تخدم الإنسان غالباً إلا لمصلحة، ومعلوم أن مصلحة الشيطان أن يغوي بني آدم بالوقوع في الشرك والمعاصي.
وكذلك تتحقق مصلحة الأنسي بتسخير الجني واستعماله ليحقق له الجني ما يشاء من إيذاء الناس وإضرارهم.
قال أبو العباس ابن تيمية:
فإذا تقرَّب صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إلى الشياطين بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبرطيل لهم فيقضون بعض أغراضه، ولهذا كثير من هذه الأمور