للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فلَا يَحْلِفْ إِلَّا بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ" فحرّم القسم بكل ما سوى الله -تعالى- ولو كان المقسَم به معظماً في الشرع.

ج) الثالث وهو الراجح، والله أعلم:

أن الله - تعالى - قد أقسم بذات هذه المخلوقات؛ وذلك لحكم بالغة، نذكر منها:

١) التنبيه على دلائل قدرته وعظمته، فهو خالقها وربها.

٢) أن الإقسام بهذه المخلوقات هى دعوة للعباد ليتفكروا في عظمة هذه المخلوقات، ويعلموا أن هذا الخلق دليل من أدلة كثيرة على أنه سبحانه وتعالى خالقهم لا خالق لهم سواه؛ فيكون المستحق للعبادة وحده. (١)

قال الشعبي:

الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا يقسم إلا بالخالق.

وقال مطرف بن عبد الله:

إنما أقسم الله بهذه الأشياء ليُعَجْبَ بها المخلوقين، ويعرفهم قدرته لعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها. (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فإن الله يقسم بما يقسم به من مخلوقاته لأنها آياته ومخلوقاته، فهي دليل على ربوبيته وألوهيته ووحدانيته وعلمه وقدرته ومشيئته ورحمته وحكمته وعظمته وعزته، فهو سبحانه يقسم بها لأن إقسامه بها تعظيم له سبحانه، ونحن المخلوقون ليس لنا أن نقسم بها بالنص والإجماع. (٣)

*الإشكال الثانى:

قول الرَسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للرجل الذى قال له:

" وَاللهِ، لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ ": " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ "!!

* وقد أجاب العلماء ذلك من وجوه:

١) الأول:

أن لفظة " وأبيه " غير محفوظة، وقد جاءت عن راويها، وهو إسماعيل بن جعفر بلفظ: «أَفْلَحَ وَاللَّهِ إِنْ صَدَقَ»، وهذا أولى من رواية من روى عنه بلفظ: " أفلح


(١) شرح النووي على مسلم (٦/ ١١٧) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (٣٠/ ٢٥٩)
(٢) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٦/ ٩٧)
(٣) مجموع الفتاوى (١/ ٢٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>