للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومن أدلة ذلك ما يلي:

١ - أولاً: أدلة القرآن:

١ - قَال تَعَالَى {قُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ الفَلَقِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ} (الفَلَق: ٥)

ووجه الدلالة:

والنفاثات هنَّ السواحر اللاتي ينفثن في عُقَدِ الخيط حين يرقين عليها، والنَّفْث هو ما كان دون التفل، وهو نفخ بلا ريق.

والشاهد أن الله -تعالى- لما أمر بالاستعاذة من شر النفاثات، عُلم أن لهنَّ تأثيراً وضرراً على الحقيقة، فلولا أن للسحر حقيقة لما أمر الله -تعالى- بالاستعاذة منه.

يقَولَ الشَّاعِرُ:

" أعُوذُ برَبِّي من النَّافِثاتِ... ومن عَضَهِ العاضِهِ المُعْضِهِ ". (١)

*وقد ورد في سبب نزول المعوذتين ما رواه زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ -رضى الله عنه-قَالَ:

" سَحَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ، فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فنزل عليه بالمعوذتين، فَقَالَ:

إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ سَحَرَكَ، عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فِي بِئْرِ كَذَا وَكَذَا، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَخْرَجَهَا فَجَاءَ بِهَا إِلَيْهِ فَحَلَّلَهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ. (٢)

وقد نقل القرطبي اتفاق المفسرين على أن سبب نزول المعوذتين ما كان من سحر لبيد بن الأعصم، وهو اليهودي الذي سحر رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.


(١) العضاه: من شجر الشوك كالطلح والعوسج، وقال الكاسائي: " العِضَةُ ": الكذب والبهتان والسحر والنميمة،
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٩١]
والمعنى أن المشركين فرقوا أقاويلهم فيه، فجعلوا القرآن كذباً وسحراً وكهانة، والعاضة: الساحرة.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس»، رواه مسلم (٢٦٠٦).
وانظر مختار الصحاح (ص/٢٣٠) و المصباح المنير (ص/٢٤٧) وتأويل مختلف الحديث (ص/٢٥١)
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى (٣٥٢٩) والطحاوي في مشكل الأثار (٥٩٣٥) وسنده صحيح.
وانظر أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٩٩٦) والاستيعاب في بيان الأسباب (٣/ ٥٨٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>