للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدَر إذْ ذاكَ من التوحيد ومعرفة أسماء الرَّبِّ وصفاته...

وأمّا الموضعُ الذي يضرُّ الاحتجاج به ففي: الحال، والمستقبَل؛ بأنْ يَرتكب فعلاً محرَّماً، أو يتركَ واجباً، فيلومَه عليه لائمٌ، فيحتجَّ بالقدر على إقامته عليه وإصراره، فيُبطلَ بالاحتجاج به حَقّاً، ويَرتكبَ باطلاً، كما احتجَّ به المُصرّون على شركهم وعبادتهم غيرَ الله، فقالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: ١٤٨]،

... {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠] ... فإذا لامه لائمٌ بعد ذلك قال: كان ما كان بقدَر الله! " ا. هـ (١)

* ومفاد كلام ابن القيّم:

مشروعيّةُ الاحتجاج بالقدر للتّائب مِن ذنبه، ولنا أن نستأنس في هذا المقام بما ورد في قوله تَعالَى {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: ١١٨]؛ فقوله تَعالَى {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا...} وقد بُنِيَ لِما لَمْ يُسَمَّ فاعلُه- فيه إشارةٌ إلى أنّ ما وقعوا فيه مِن تخلُّفهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد تابوا ونَدِموا على ذلك قد وقعَ بقدر الله -عز وجل-؛ ولِذا فمِنْ عظيم لُطفه ورحمته بهم لم يَقُلْ - تَعالَى -:

"وعلى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تخلَّفوا... "، فتَبقى الآيةُ مُوجِعةً لقلوبهم ومؤلمة لأسماعهم.

*ومن فوائد حديث الباب:

** فائدة في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ختام الحديث: «فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى» ...

... وقد عمدَ أهلُ التحريف وسَعَوْا إلى تحريف هذه اللفظة تحريفاً لفظيّاً، ومعنوياً:

** أولاً: التحريف اللفظيّ:

وأصلُ مَن فتحَ هذا البابَ هم اليهود، فلقد أخذوا بنصيبٍ وافرٍ من هذه الصفة لمّا أُمِروا أن يقولوا: "حِطَّة فقالوا: "حِنْطَة"، فقد قال الله تَعالَى

{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ


(١) شفاء العليل (ص/١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>