الآخرة من غير جهة، فجاءوا بقول لم يقل به أنس قبلهم ولا جآن.
٣) ما ذهب إليه المتأخرون من الأشاعرة من قولهم بنفى الجهة عن الله - مع مخالفتهم لجماهير أهل السنة - قد خالفوا فيه إمامهم خاصة، وهو الإمام أبو الحسن الأشعرى الذى ذكرنا آنفاً نقله لإجماع أهل السنة على إثبات علو الله تعالى.
وكذلك خالفوا فيه أئمتهم المتقدمين أمثال: الباقلاني الذى قال بعلو الله -تعالى- على عرشه، وكذلك ممن صرح بإثبات العلو:
ابن كلاب وأبو الحسن الطبري تلميذ الأشعري والحارث المحاسبي.
وقد نقل ذلك عنهم كل من شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذيه الذهبي وابن القيم، لتقزم بذلك الحجة على منأخريهم الذين خالفوا نهج أئمتهم فقالوا بنفى الجهة، كالغزالي والجويني والآمدي وغيرهم الذين أخذوا قول الجهمية والمعتزلة فى هذا الباب.
*وإذا كان أبو الحسن الأشعري و ابن كلاب موافقان للسلف في إثبات العلو، وعليه فإن كل من يزعم الانتساب إليهما مع مخالفته لهما فدعواه باطلة. (١)
* وأما قولهم:
أن لوازم إثبات علو لله -تعالى - أن يكون متحيزاً وذا جهة وحد يحده!!
لو كان الله -تعالى- في جهة العلو بذاته لأشبه المخلوقات، لأن ذلك يعني أن يكون الله في مكان، والمكان يقتضي التحيز والتجسيم، وهذه من خصائص المخلوقين، لأن ما أحاطت به الأمكنة واحتوته فهو مخلوق مجسم!!
* فالجواب أن يقال:
أما قولكم أن إثبات العلو لله - تعالى - يقتضي التحيز والحد والمكان، وهذه من خصائص المخلوقين!!
(١) انظر التمهيد للباقلانى (ص/ ٣٠١) والفتوى الحموية (ص/٥٨) و العلو للذهبي (ص/ ١٦٨) واجتماع الجيوش الإسلامية (ص/ ١١١) والانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (ص/١٢١) بتحقيق سعود بن عبد العزيز الخلف، والأشاعرة في ميزان أهل السنة (ص/٤٦٦) والمنحة الإلهية في الصفات الربانية (ص/٤٣٧)