للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر:

وقوله " من بدل ": هو عام تخص منه من بدله في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر، فإنه تجري عليه أحكام الظاهر، ... وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر. (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فلم يكن صلى الله عليه وسلم يصلِّي على المنافقين ولا يستغفر لهم، ولكن دماءهمْ وأموالهم معصومة لا يستحل منهم ما يستحله من الكفار، وكان حكمه صلى الله عليه وسلم في دمائهم وأموالهم كحكمه في دماء غيرهم، لا يستحل منها شيئًا إلا بأمر ظاهر، مع أنه كان يعلم نفاق كثير منهم، وفيهم من لم يكن يعلم نفاقه. (٢)

* إشكال في الختام:

قالوا:

حديث الباب يفيد ظاهره قتال الناس لإكراههم على الدخول في دين الإسلام، وهذا مخالف في الحقيقة لقوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة/٢٥٦)، وقوله تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس/٩٩)!!

* والجواب أن يقال:

١) أما دعواهم أن ظاهر الحديث يفيد إكراه الناس على دخول الدين، فهذا نظر قاصر لأدلة الشرع، فلا ينبغي لمتسرع في قلبه زيغ ضال وداء عضال أن يصدر الأحكام دون تثبت.

ففي حديث الباب إجمال قد وضحته الأدلة الأخرى من الكتاب والسنة، قال تعالى (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة/٢٩)

وفي حديث بُرَيْدَةَ الأسلمى - رضى الله عنه- قَالَ:

كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ


(١) فتح الباري (١٢/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(٢) الإيمان (ص/٦٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>