للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تخرج عن هذا المعنى المراد، الذى هو (أمة الإجابة).

وقد ذكر الإمام الصنعاني رحمه الله في كتابه [شرح حديث الافتراق] أنَّ المراد بقوله عليه الصلاة والسلام: «أمتي»، أي: أمة الإجابة، وردّ على من قال:

إنَّها أمة الدعوة، وإنَّ الناجية أمة الإجابة كلُّها، وردَّ ذلك من خمسة أوجُه (١).

ولما عدَّد أبو المظفر الأسفراييني الفرَق الثنتين والسبعين قال:

"والخطابية والحُلُولِيّة منهم فلا يُعدّون في زُمرة المسلمين؛ لأنهم كلهم يقولون بآلهية الأئمة". (٢)

* وأما الرد على فريتهم بعدم وقوع الشرك في أمة الإسلام، فالجواب أن يقال:

لا دلالة في تلك الأحاديث التي ذكروها على هذا القول الباطل الذي يريدون به أن يصححوا -والعياذ بالله - الشرك وعبادة القبور ودعاء الموتى، فقولهم:

إن الشرك لا يقع في هذه الأُمَّة، هذا تكذيبٌ للنصوص الصحيحة الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا؛ فقد صح -في الصحيح وغيره- أن الشرك سيقع في آحاد الأمة قبل قيام الساعة، فقد روى الشَّيخانِ عن أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:

«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ» (٣)، وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى» (٤)، وفي رواية ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الأَوْثَانَ» (٥)، بل قد وقع هذا في العهود الأولى، فلقد


(١) شرح حديث الافتراق (ص/٥٦).
(٢) التبصير في الدِّين، وتمييز الفرقة الناجية عن الفرَق الهالكين (ص/٢٥).
(٣) أخرجه البخاري (٧١١٦)، ومسلم (٢٩٠٦).
(٤) أخرجه مسلم (٢٩٠٧).
(٥) أخرجه التِّرمذي (٢٢١٩)، وأبو داود (٤٢٥٢)، وصححه الألباني، وقد بوَّب الإمام محمد بن عبد الوهاب لهذا الحديث باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبُد الأوثان.

<<  <  ج: ص:  >  >>