للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن يكون العمل الذي وقع فيه الرياء يرتبط آخره بأوله، كالصلاة أو الصيام أو الحج، وفي ذلك اختلاف بين العلماء من السلف، قد حكاه الإمام أحمد، وابن جرير الطبريّ، والراجح-والله أعلم-هو بطلان تلك العبادة.

وذلك مثل الصلاة; فالصلاة مثلاً لا يمكن أن يفسد آخرها ولا يفسد أولها، فمن قام يصلّي ثم طرأ عليه طارئ الرياء فاسترسل معه ولم يدافعه فحينئذ تبطل الصلاة كلها. (١)

٣ - أن يكون الرياء تابعاً لا أصلاً، بحيث أنه لو خلا دون رؤية الناس لفعل، ولكنه برؤيتهم يزداد. قال الغزالي:

أن تكون العبادة باعثة مستقلة، لو خلا بنفسه لفعل، ولكن زاده رؤية غيره ومشاهدته نشاطاً، وخفَّ عليه العمل بسببه، فأرجو ألَّا يُحبِط ذلك القدر عمله، بل تصح عبادته ويثاب عليها، ويُعاقَب على قصد الرياء، أو ينقص من ثوابه. (٢)

*أمور ليست من الرياء:

١ - زيادة الطاعات برفقة الصالحين:

لا شك أن الشرع قد حث على لزوم الجماعة، وأخبر أن الشيطان إلى الواحد أقرب.

فقد قال تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم) (الكهف: ٢٨)

لذا فالمرء إذا رافق الصالحين فزاد من طاعته معهم ما لم يكن من دأبه الأول فليس هذا من الرياء في شيء.

قال ابن الجوزي:

قد يبيت الرجل مع المتهجدين، فيصلُّون أكثر الليل، وعادته قيام ساعة، فيوافقهم، ولولاهم ما انبعث هذا النشاط، فربما ظن ظان أن هذا رياء، وليس كذلك على الإطلاق؛ فكل مؤمن يرغب في عبادة الله تعالى، ولكن تعوقة العوائق،


(١) وانظر جامع العلوم والحكم (١/ ٨٣) و الفتح المبين بشرح الأربعين (ص/١٣٤) والقول المفيد شرح كتاب التوحيد (١/ ١٤٧)
(٢) وانظر الأربعين في أصول الدين (ص/٣٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>