للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل- لجاز حمل الصراط على الدين الحق، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد من الأحزان والأفراح، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة، والملائكة على القوى المحمودة، وهذا كله فاسد؛ لأنه رد لما جاء به الصادق. (١)

* وكذلك يقال:

أن تأويل الميزان في جميع مواضعه التي ذكر فيها بأنه العدل هو في الحقيقة تأويل مخالف لإجماع الأمة.

قال القشيري:

وقد أجمعت الأمة في الصدر الأول على الأخذ بهذه الظواهر من غير تأويل، وإذا أجمعوا على منع التأويل وجب الأخذ بالظاهر، وصارت هذه الظواهر نصوصاً. (٢)

* فإن قيل: أليس تأويل الميزان بالعدل يستقيم لغة؟

فالرد أن يقال:

بلى، ولكن هذا من التفسير بالمآل واللازم، فلا شك أن إقامة الميزان ورؤية العبد لأعماله على الميزان ترجح أو تخف يزيده يقيناً أنه لم يظلم شيئاً، ولكنَّ حمل الميزان على معنى العدل وتفسيره به إنما يكون عند تعذّر الحمل على الظاهر، وهنا قد أتت الأدلة الشرعية بخيلها ورَجلها تؤيد تفسير الميزان على معناه الحقيقي، فصار تأويله على المعنى اللغوي منابذاً للأدلة الشرعية.

قال الأزهري بعد ذكره للمعاني اللغوية لكلمة الميزان:

هذا كله في باب اللغة، والاحتجاج سائغ، إلا أن الأولى من هذا أن يتبع ما جاء بالأسانيد الصحاح، فإن جاء في الخبر أنه ميزان له كفَّتان، من حيث ينقل أهل الثقة، فينبغي أن يقبل ذلك. (٣)

* وأما قولهم: " الأعراض يستحيل وزنها، إذ لا تقوم بأنفسها، فكيف توزن


(١) التذكرة (ص/٢٨٠)
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٠٧)
(٣) تهذيب اللغة (١٣/ ٢٥٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>