للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصبر على ما يصيبه في ذلك، وغير ذلك مما يقوم به الدين وتنهض به كلمة المسلمين فهو الأفضل والأكمل. (١)

فالإشارة بالقوة ها هنا إلى العزم والحزم والإحتياط، لا إلى قوة البدن.

وهذا المعنى هو ما نص الشاعر في قوله:

لَيْسَ الشجاع الَّذِي يحمي كتيبته... يَوْم النزال ونار الْحَرْب تشتعل

لَكِن فَتى غض طرفاً أَو ثنى بصراً... عَن الْحَرَام، فَذَاك الْفَارِس البطل. (٢)

وقال الطيبيّ:

قيل: أراد بالمؤمن القويّ: الذي قوي في إيمانه، وصَلُب في إيقانه بحيث لا يرى الأسباب، ووَثِق بمسبِّب الأسباب، والمؤمن الضعيف بخلافه، وهو أدنى مراتب الإيمان. قال: ويمكن أن يُذهَب إلى اللفّ والنشر، فيكون قوله: "احرص على ما ينفعك" بيانًا للقويّ، وقوله: "ولا تعجز" بيانًا للضعيف. (٣)

* ومن علامات المؤمن القوى:

أن يكون قوّاماً لله -عزوجل- ولرسوله صلى الله عليه وسلم، حافظاً لأمر الله تعالى، قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) (النساء: ١٣٥)

وكما فى قوله صلى الله عليه وسلم.:

" احفظ الله يحفظك " (٤)، وحفظ أمر الله - تعالى - على نوعين:

أ) حفظ أمر الله القدري:

وذلك بالصبر على الأقدار، فهذه من علامات صدق الإيمان، فعَنْ صُهَيْبٍ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" عَجِبْتُ مِنْ أَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ


(١) وانظر المفهم (٦/ ٦٨٢) وكشف المشكل من حديث الصحيحين (٣/ ٥٥٢)
(٢) ذم الهوى لابن الجوزى (ص/ ١٤٣)
(٣) الكاشف عن حقائق السنن (١٠/ ٣٣٣٤)
(٤) أخرجه أحمد (٢٦٦٩) والترمذي (٢٥١٦) وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>