لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: ٥٢].
قال الراوي: "ويَنُوطُونَ عَلَيْها أَسْلِحَتَهُمْ" أيْ: يعلِّقون عليها أسلحتهم.
"فقلنا: يا رسولَ الله، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ" أي:
اجعلْ لنا شجرةً نُعلِّق عليها أسلحتنا، كما لهم شجرةٌ يُعلِّقون عليها؛ فالمشركون كانوا يفعلون ذلك طلباً للبَرَكة من هذه الأشجار؛ لتزداد الأسلحة قوةً -مثلاً- فلا تنكسرَ حالَ النِّزالِ في المَعارك.
فقال هَؤلاءِ الذين أسلموا حديثاً للنبي صلى الله عليه وسلم:
"اجعلْ لنا ذاتَ أَنواطٍ" أي: لِنُعلّقَ عليها أسلحتنا. ومعنى "أناط الشيءَ": علَّقَه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سُبْحانَ اللهِ»، وفي روايةٍ قال: «اللهُ أَكبرُ، قُلْتُم كَمَا قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لِمُوسَى...».
*هذا الحديث فيه جُملةٌ من الفوائدِ:
الفائدة الأولى: * حُسن المَقْصِد يحتاج إلى حُسن العَمَل*
وهذه القاعدة من الأهميّة بمَكانٍ، أي: إن النية الصحيحة السليمة وَحْدَها لا تكفي لإصلاح العمل الفاسد، بَلِ النية السليمة تحتاج -كذلك- إلى صحة العمل، الذي هو عمل الجَوارح.
نَعَمْ، الأعمال بالنّيّات، ولكنَّ النية الصحيحة حتى يُقْبَلَ ما يترتّبُ عليها ويكونَ عليها الثوابُ- لا بُدّ أن يقترن بها عمل صالح موافقٌ لأصول الشرع؛ ولذلك قال تبارك وتعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠]
فنهى الله -تبارك وتعالى- عن الشرك -شرك النيات، وشرك الأفعال- وأمرَ بإصلاح النية، ولم يقتصر على ذلك، بل قال: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا}، والعمل الصالح لا يكون صالحاً إلا إذا كان موافقاً للكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
* قال ابن كَثيرٍ:
قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} أي: ثوابَه وجزاءه الصالحَ