للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإجابة الدعوة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- له: "أنت منهم "

** عودٌ إلى حديث الباب: ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ».

*وقد اختلف العلماء في سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الثاني: (سبقك بها عكاشة)، فلم يدع له كما فعله مع عكاشة رضى الله عنه؟؟

اختلفوا في ذلك على أقوال:

١ - القول الأول: كان الرجل الثاني منافقاً، لذا رد النبي -صلى الله عليه وسلم- طلبه، وهو توجيه ضعيف. (١)

٢ - القول الثاني: رد النبي -صلى الله عليه وسلم - الرجل الثاني لئلا ينفتح الباب، فيقوم الثاني والثالث والرابع، إلى ما لا نهاية، وليس كل الناس يصلح لذلك. (٢)

٣ - القول الثالث: وهو الأقرب -والله أعلم-أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قد علم من حال عكاشة -رضى الله عنه-ما يؤهله لأن يدعو له، وأما الآخر فلم يكن في منزلة عكاشة، فعلم -صلى الله عليه وسلم - أنه يُجاب في عكاشة ولا يجاب في الثاني فلذا رده. (٣)

*ومن فوائد ذلك: جواز استخدام المعاريض:

وهذا يتضح في قوله صلى الله عليه وسلم: (سبقك بها عكاشة) حيث أنه -صلى الله عليه وسلم -لم يظهر للرجل الثاني أن سبب رده هو سبق عكاشة -رضى الله عنه-وعلو منزلته مما أَهَلَه لأن يجاب، بل أظهر له أن سبب رده هو أن الإيجاب إنما وقع لعكاشة لمجرد السبق في


(١) وهذا أضعف الأقوال، بل وأبطلها وذلك لوجهين:
١ - الأصل في الصحابة -رضى الله عنهم- صدق الإيمان، فلا يثبت ما يخالف ذلك إلا بنقل صحيح.
٢ - قلَّ أن يصدر هذا من منافق، بل لا يصدر إلا عن قصد صحيح ويقين وتصديق للنبي صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا مال شيخ الإسلام ابن تيمية. انظرفتح الباري (١١/ ٤١٢) والمفهم (١/ ٤٦٩)
(٢) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (٢١/ ٣١٢)
(٣) وهذا الوجه أختاره القرطبي والقاضي عياض والنووي، وهو الأقرب، والله اعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>