للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عودٌ إلى حديث الباب:

فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: " ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «أَنْتَ مِنْهُمْ؟» .........

فما أن سمع الصحابة -رضى الله عنهم- بتلك البشارة النبوية حتى اشرأبت قلوبهم وآمالهم أن يدخلوا في زمرة هؤلاء السبعين، لذا قام عكَّاشة بن محصن-رضى الله عنه-فقال يارسول الله: ادع الله أن أكون منهم، قال صلى الله عليه وسلم: (أنت منهم). (١)

* وهنا فوائد هامة:

١ - حرص الصحابة -رضى الله عنهم-على الخير، لذا بادروا إلى طلب السبق إلى المعالي.

٢ - وردت بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- لعكَّاشة -رضى الله عنه- في الصحيحين بصيغة الخبر، فعند البخاري لما سأله: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وفي رواية مسلم قال صلى الله عليه وسلم لعكاشة:

" أنت منهم "، وأما ما جاء في رواية في الصحيحين أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اجعله منهم» بصيغة الدعاء لا الخبر، فهنا يقال:

١ - إما أن يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: (أنت منهم) على أنه خبر بمعنى الدعاء أي:

(اللهم اجعله منهم» (٢).

٢ - وإما أن يقال أن ما ورد بصيغة الدعاء كان في أول الأمر، فلما جاء الوحي


(١) عكَّاشة بن محصن: بتشديد الكاف وتخفيفها، وقد ترجم الذهبي لعكاشة فقال: الشهيد السعيد، أبو محصن الأسدي، من السابقين الأولين البدربين أهل الجنة، قد أبلى بلاء حسنا يوم بدر وانكسر سيفه في يده، فأعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- عرجونا من نخل أو عود، فعاد بإذن الله في يده سيفاً، فقاتل به. قاتل مع خالد بن الوليد في حروب الردة، فقتل يوم اليمامة، قتله طليحة الأسدي، وكان طليحة قد ارتد بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم - ثم أسلم بعد ذلك وحسن اسلامه واستشهد في موقعة الجسر.
وانظر سير أعلام النبلاء (٣/ ١٨٩)
قلت:
وفي مثل هذا يصدق قول النبي صلى الله عليه وسلم): يضحك الله إلى رجلين، يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة، يقاتل هذا قيُقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم، فيقاتل في سبيل الله فيستشهد) (متفق عليه)
(٢) حيث أن الخبر قد يطلق ويراد به الدعاء، كما في قولنا "صلى الله على محمد"فهي جملة خبرية، لكنها تتضمن معنى الدعاء والطلب، أى: اللهم صل على محمد. وكما في قولنا عن الصحابة "رضى الله عنهم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>