للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكل نبي كذَّبه قومه.

وقد تجلَّت هذه الوسطية في نبي الله عيسى عليه السلام، وذلك كما ورد في حديث الباب، وذلك بالاعتقاد ببشرية عيسى عليه السلام، مع الإيمان برسالته إلى بني اسرائيل.

** وما ورد في حديث عبادة بن الصامت -رضى الله عنه- السابق من الاعتقاد في عيسى -عليه السلام - قد نص عليه كتاب الله تعالى.

قال تعالى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) (التحريم/١٢)

فَأَرْسَلْ الله -تعالى- إِلَيْهَا رُوحَه - جبريل عليه السلام- فنفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة حتى ولجت فرجها، فصارت حاملاً من ساعتها.

* قال ابن كثير:

أَمرَاللَّهُ -تعالَى- جبريل أَنْ يَنْفُخَ بِفِيه فِي جَيْب درعهَا، فَنَزَلَت النَّفْخَةُ فَولَجَت في فَرْجها، فَكَانَ مِنْهُ الْحَمْلُ بعِيسى عَلَيْهِ السَّلَام. (١)

* قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) (النساء/١٧١)

... وقوله تعالى (وكلمته ألقاها إلى مريم)

فعيسى كلمة الله، وقد سُمِّيَ عيسى -عليه السلام- كلمة الله لوجوده ولخلقه بكلمة من الله، من غير أب، قال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران/٥٩) فبقوله تعالى {كُن} خُلق عيسى عليه السلام. فـ (كن) هي كلمة الله عز وجل، وهي الكلمة التي ألقاها إلى مريم، وكلمة الله ليست مخلوقة، وعيسى -عليه السلام - مخلوق.

* قال شاذ بن يحيي في قول الله: {وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} قال: ليس الكلمة صارت عيسى، ولكن بالكلمة صار عيسى. (٢).


(١) تفسير القرآن العظيم (٨/ ١٧٣)
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٦٣١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>