للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلوكِه المنهجَ العلمي والمسلكَ الشرعي في طلب الأحكام، وليس مصيباً للحق نفسِه.

"وليس كل اجتهاد صواباً" أي: لاحتمال ألا يوافق الحقَّ في الأمر نفسِه.

من الفوائد في هذا الحديث:

لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية قال: «هي الجماعة»، فما معني الجماعة؟ الذى يتتبع الأحاديث التي وردت فيها كلمة "الجماعة" يجد أنها وردت على عدة معانٍ:

١ - جماعة الصلاة: كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تزيد عن صلاة الفَذّ بسبعٍ وعشرين درجةً».

٢ - جماعة الأبدان:

والتي هي جماعة المسلمين، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم عن المرتد: «التارك لدينه المفارق للجماعة»، وفي حديث حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ:

«هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ» (١).

٣ - جماعة الدين:

وهم الذين اتبعوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم والتزموا الكتابَ والسنة، وهم المَعنيّون في حديث الباب، وهي الفرقة الناجية التي ورد في شأنها قولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث الباب: «الجماعة»، فـ "الجماعة" أي: أهل القرآن والحديث والفقه والعلم، الذين اجتمعوا على اتباع آثاره صلى الله عليه وسلم في جميع الأحوال كلها، ولم يبتدعوا بالتحريف والتغيير، ولم يبدلوا بالآراء الفاسدة (٢).

ومن هنا ورد مصطلح "أهل السنة والجماعة" إشارةً إلى كل مَن سار على نهج


(١) متفق عليه.
(٢) عَون المعبود، ومعه حاشية ابن القَيِّم (١٢/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>