للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب والسنة، فلفظ "الجماعة" مُستقًى من حديث الباب.

أما مصطلح "السنة" فقد ورد في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

... «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (١).

وكذلك رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ...} [آل عمران: ١٠٦]،

قال: "تبْيضُّ وجوه أهل السنة، وتسْوَدّ وجوه أهل البدع والضلالة"اهـ (٢).

وصار مصطلح "أهل السنة والجماعة" يتوجه إلى أهل الاعتقاد الصحيح الذى كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والقرون الخيرية الثلاثة، كما ورد في قول محمد بن سِيرين:

"كانوا لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سَمُّوا لنا رجالكم؛ فيُنْظر إلى أهل السنة فيُؤخذ حديثُهم، ويُنْظر إلى أهل البدعة فيُردّ حديثُهم" (٣)؛ فجَعَلَ "أهل السنة" في مقابلة "أهل البدعة".

وقد دَرَجَ أهل العلم على تسمية مصنَّفاتهم التي تشتمل على معتقَد أهل الإسلام


(١) رواه الترمذي (٢٦٧٦)، وصححه الألباني.
(٢) هذا الأثر قد ذكره اللالَكائيّ في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ٧٩) من طريق عليّ بن قُدامة: ثَنا مجاشع بن عمرو، ثنا ميسرة بن عبد ربه، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس وقد حكمَ محقِّق الكتاب نشأت بن كمال على إسناد هذا الأثر بقوله: "كذب، موضوع، عليّ بن قدامة ضعيف، ومجاشع بن عمرو كان كذاباً -كما قال ابن مَعين، وغيره-، وميسرة بن عبد ربه كذلك كذاب"اهـ.
وكذلك قد تداولَه كثير من العلماء في كتم دون إنكار له، كابن تيمية -في مواضعَ كثيرة جدّاً-، وابن القيم، وابن كثير، والشاطبي، وغيرهم.
قال مشهور حسن في تحقيقه لإعلام الموقِّعينَ: "إسناده ضعيف جداً إن لم يكن موضوعاً؛ ففيه: علي بن قدامة، ضعيف، وشيخه مجاشع بن عمرو اتُّهمَ بالكذب، وشيخه ميسرة مِثلُه.
ثم إن المتأمل في هذا التفسير يجد فيه نَكارة، وهي أنه مخالف لنص القرآن الكريم، فقد بيّن الله تعالى لنا مَن الذين تبْيضّ وجوههم، ومَن الذين تسْودّ وجوههم، فقال: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: ١٠٦] "اهـ.
(٣) المسنَد الصحيح بنقل العدل عن العدل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>