للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* والصحابة-رضى الله عنهم- الذين فتحوا البلدان لم يؤثر عنهم أنهم كانوا يدعون الناس إلى النظر والاستدلال، وإنما كانوا يدعونهم إلى الشهادتين أولاً ويكتفون منهم بها، ويكفُّون عن قتال من قالها.

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على بطلان هذه الدعوى الكلامية، وأبان اللوازم الباطلة لمن قال بها. (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

والقرآن العزيز ليس فيه أن النظر أول الواجبات، ولا فيه إيجاب النظر على كل

أحد، والنبي -صلى الله عليه وسلم - لم يدع أحداً من الخلق إلى النظر ابتداءً، ولا

إلى مجرد إثبات الصانع، بل أول ما دعاهم إليه الشهادتان، وبذلك أمر أصحابه رضى الله عنهم. (٢)

قال ابن حزم:

فمن الباطل المتيقن أن يكون الاستدلال فرضاً لا يصح أن يكون أحد مسلماً إلا به ثم يغفل الله -عز وجل - أن يقول لا تقبلوا من أحد أنه مسلم حتى يستدل.

وما قال قط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل قرية لا أقبل إسلامكم حتى أعلم المستدل من غيره، وكذلك أجمع الصحابة - رضي الله عنهم -على الدعاء إلى الإسلام وقبوله من كل واحد دون ذكر استدلال. (٣)

*وها هو الغزالي - رغم سلوكه لهذا النهج- ينفض عن نفسه غبار هذا الطريق والطريقة، فيقول:

" فليت شعري متى نُقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة -رضى الله عنهم- إحضار أعرابي أسلم، وقوله له: " الدليل على أن العالم حادث:

أنه لا يخلو من الأعراض، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث ". (٤)

* والفطرة دالة على نقض مذهب المتكلمين:

يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية:

"وأما الرب تعالى فهو معروف بالفطرة، {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكّ}، فالمشركون


(١) وللإطلاع على المزيد من أوجه الرد والدلالات على بطلان دعوى إيجاب النظر على المكلف يراجع نقد الجوهرة (ص/٦٥) ودرء التعارض (٨/ ١٦) ونقض أساس التقديس (٢/ ٤٧٢)
(٢) درء التعارض (٨/ ٢٣٢)
(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٣/ ٢٩٢)
(٤) وانظر فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة (ص/١٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>