للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة لم تقبل توبته كما لا تقبل توبة من حضره الموت. (١)

*الفائدة الثالثة: قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً... ":

وأما سجود الشمس فهو ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة:

قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) (الحج: ١٨)

ونحن نؤمن بذلك على الحقيقة، وإن كنا لا ندركه، كما أننا لا ندرك تسبيح الطيور، ولا نفقه تسبيح الجمادات ولكننا نوقن أنها تسبِّح لقوله تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء: ٤٤].

وكذلك فالشمس تسجد، وإن كنا لا ندرك سجودها ولا نراه، ولكنه سجود حقيقي.

* المخالفون في هذه المسألة:

من أهل الكلام والعقلانيين من أنكر ذلك بالتأويلات الباطلة؛ بدعوى أن الشمس لا تزال طالعة على الأرض، ولكنها تطلع على جهة منها، وتغرب عن الجهة الأخرى؛ فأين يكون مستقرها الذي إذا انتهت إليه سجدت، واستأذنت في الرجوع من المشرق؟!

* ومنهم من عمد إلى تحريف النص عن موضعه، فقالوا أن سجود الشمس تحت العرش ليس على حقيقته، بل هو تعبير وتصوير لانقيادها لأمر الله تعالى، حالها في ذلك حال انقياد الساجد من المكلَّفين وهو يخر إلى أسفل معلناً تمام انقياده، وغاية خضوعه لأمر ربه جل وعلا!! (٢)


(١) وانظر التذكرة للقرطبي (ص/٥٩٩) والمفاتيح في شرح المصابيح (٣/ ١٧٩)
(٢) كما نص على ذلك ابن عاشور في " التحرير والتنوير" (٢٣/ ٢٠) بقوله معقباً على حديث الباب:
" وهذا تمثيل وتقريب لسير الشمس اليومي الذي يبتدئ بشروقها على بعض الكرة الأرضية وينتهي بغروبها على= =بعض الكرة الأرضية، ".
ويقول محمد أبو شُهبة مسألة عن سجود الشمس تحت العرش، في كتابه " دفاعٌ عن السنة، ورد شبه المستشرقين"!! (ص/١٨٢)
" وهذا من قبيل المجاز والتمثيل، وهذا مستساغ ومستفيض في لغة العرب، وإنما يستشكل مثل هذا من لم يتذوق لغة العرب، وما لهم من الافتنان في الأساليب وطرق البيان"!!

<<  <  ج: ص:  >  >>