للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن لا إله إلا الله... "

* فإن قيل:

إن كانوا هم قوماً من أهل الكتاب، فلما يدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله؟ *والجواب:

أن المذكورين في هذا الحديث من كان في اليمن من اليهود والنصارى، وكانوا يقولونها، لكنهم جهلوا معناها الذي دلت عليه من إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه.

فكان قولهم " لا إله إلا الله " لا ينفعهم لجهلهم بمعنى هذه الكلمة، كحال أكثر المتأخرين من هذه الأمة؛ فإنهم كانوا يقولونها مع ما كانوا يفعلونه من الشرك بعبادة الأموات والغائبين والطواغيت والمشاهد، فيأتون بما ينافيها فيثبتون ما نفته من الشرك باعتقادهم وقولهم وفعلهم، وينفون ما أثبتته من الإخلاص كذلك، وظنوا أن معناها القدرة على الاختراع تقليداً للمتكلمين من الأشاعرة وغيرهم وهذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون فلم يدخلهم في الإسلام. (١).

*الفائدة الثانية:

أول الواجبات على المكلف معرفة الله -تعالى- بالعبادة والتوحيد:

وهذا الذي عليه جماهير السلف من أهل السنة؛ فقد ورد فى حديث الباب قوله صلى الله عليه وسلم:

" فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ.. وفى رواية: " فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، ... وفى رواية:

" فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى، .. "

فدلت هذه الروايات فى مجموعها على أن أول الواجبات التى تجب على المكلف هي عبادة الله - تعالى- وتوحيده.

*وقد خالف فى ذلك جماعة المعتزلة والأشاعرة والشيعة الإمامية:

فقالت المعتزلة: إن أول واجب على المكلف هو النظر، وعلى هذا عامة المعتزلة،

كما قرر ذلك القاضي عبد الجبار فى كتابه "شرح الأصول الخمسة" (ص/ ١٥ - ٣٧).


(١) كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين (ص/٣٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>