للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣) أن قوله: متوفيك حقيقة لغوية في استيفاء الشيء وأخذه كاملاً غير ناقص،، والعرب تقول: توفى فلان دينه يتوفاه فهو متوفٍ له إذا قبضه وحازه إليه كاملاً من غير نقص.

فمعنى: إني متوفيك في الوضع اللغوي، أي حائزك ومستوفيك إليَّ كاملاً بروحك وجسمك. (١)

وهذا هو الراجح، والله أعلم، وهذا ما رجَّحه الطبري والقرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد البر وابن الجوزي. (٢)

قال الألوسي:

والصحيح كما قاله القرطبي أن الله -تعالى - رفعه من غير وفاة ولا نوم، وهو اختيار الطبري والرواية الصحيحة عن ابن عباس رضى الله عنهما. (٣)

* عودٌ إلى حديث الباب:

ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضى الله عنه: " وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: ١٥٩]

ومعنى الأية: أي لا يبقى أحد من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إذا نزل عيسى -عليه السلام- إلا آمن به، وهذا مصير من أبي هريرة - رضى الله عنه - إلى أن الضمير في قوله تعالى (إلا ليؤمنن به..) وكذلك في قوله تعالى (قبل موته..) يعود على عيسى عليه السلام

وإن كانت هذه الأية مما قد اختلف المفسرون في تفسيرها، وذلك في توجيه الضمير في قوله تعالى: {قَبْلَ مَوْتِهِ} هل يعود على عيسى عليه السلام، أم على الكتابىِّ؟

على قولين:

القول الأول:

أنه يعود على عيسى عليه السلام، أي: لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ بعيسى -عليه السلام-قبل موته، أى موت عيسى عليه السلام، وذلك بعد نزوله من السماء،


(١) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (٧/ ١٣١)
(٢) وانظر الجامع لأحكام القرآن (٤/ ٦٥) وزاد المسير في علم التفسير (١/ ٢٨٧) والتمهيد (٥/ ٤٤٢)
(٣) روح المعاني (٢/ ١٧٢)، ولمزيد بيان لذلك: ينظر في: جامع البيان في تأويل القرآن (٦/ ٤٥٨) و التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٤/ ٢٠٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>