هنا قد تبرأ ابن عمر -رضى الله عنهما- من هؤلاء الضآلين الذين خاضوا في تلك البدعة الكفرية، والتبرؤ يأتى في الشرع على نوعين:
١ - تبرؤ من الشخص:
وهذا كما يقع من الأنبياء والمؤمنين حينما يتبرؤن من المشركين، وقد وردت سورة كاملة باسم "سورة التوبة " أو كما هى مشهورة باسم "سورة براءة "، في التبرؤ من أعيان المشركين، قال تعالى (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ) (التوبة/٢)
وكذلك الخليل إبراهيم -عليه السلام- لما تبرأ من أبيه وقومه، كما قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ)(الزخرف/٢٦)، فهذا تبرؤ من الشخص لمفارقته أهل الإيمان بالكلية.
وكذلك يقال في قول الله تعالى {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}(الشعراء/٢١٦)
٢ - تبرؤ من الفعل:
وهذا يكون فيمن فعل فعلاً فيه مخالفة شرعية، لكنها لا تُخرجه من دائرة الإسلام، فالتبرؤ هنا يكون من فعله لا من شخصه، ولهذا أمثلة كثيرة:
أ) لما بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ -رضى الله عنه -إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، فلما علم النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: