للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهنا قد تبرأ الرسول -عليه الصلاة والسلام - مما صنع خالد ومن عمله رضي الله عنه، دون شخص خالد، وذلك لأن خالداً كان متأولاً معذوراً عند الله تعالى، ولم يكن ذلك منه معصية تعمد فعلها، بل محض خطأ أداه إليه اجتهاده، ومما يدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعزله بعد ذلك عن قيادة الجيش.

ب) عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ:

إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ، وَالْحَالِقَةِ، وَالشَّاقَّةِ ". (١)

* وهنا يقال:

إن قول ابن عمر - رضى الله عنهما - في هؤلاء الذين قالوا بنفي القدر «فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي» يبين أن التبرؤ هنا إنما هو من القسم الأول؛ يدل عليه قوله: «لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ»

فمثل هذا المعنى قد ورد في الكتاب والسنة فى حق الكافرين.

فمن الكتاب قول تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ)، قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (التوبة/٣٦)

وقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (الزمر: ٤٧)

ومن السنة:

ما ورد في حديث أنَسَ بْنَ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنِّ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

" يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا، فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي ". (٢)


(١) متفق عليه. السالقة، والصالقة لغتان، وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة.
(٢) متفق عليه. وقد دلت الأدلة الشرعية وإجماع الأمة على كفر القدرية من نفاة علم الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>