للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمن والاهتداء، وهذا هو الظلم الأكبر المراد فى قوله تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٧٢)) (المائدة/٧٢)، وفي قول لقمان لابنه {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان /١٣).

* وقد أجمل أبوالعباس ابن تيمية -رحمه الله- هذه المعانى السابقة فقال:

من سلم من أجناس الظلم الثلاثة؛ كان له الأمن التام والاهتداء التام، ومن لم يسلم من ظلمه نفسه كان له الأمن والاهتداء مطلقاً، بمعنى أنه لا بد أن يدخل الجنة، ويحصل له من نقص الأمن والاهتداء بحسب ما نقص من إيمانه بظلمه نفسه. وليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله {إنما هو الشرك} أن من لم يشرك الشرك الأكبر يكون له الأمن التام والاهتداء التام؛ فإن أحاديثه الكثيرة مع نصوص القرآن تبين أن أهل الكبائر معرَّضون للخوف لم يحصل لهم الأمن التام ولا الاهتداء التام الذي يكونون به مهتدين إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين من غير عذاب يحصل لهم؛ بل معهم أصل الاهتداء إلى هذا الصراط ومعهم أصل نعمة الله عليهم ولا بد لهم من دخول الجنة. وقول النبي صلى الله عليه وسلم {إنما هو الشرك} إن أراد به الشرك الأكبر فمقصوده أن من لم يكن من أهله فهو آمن مما وعد به المشركون من عذاب الدنيا والآخرة، وهو مهتد إلى ذلك. (١)

قال ابن القيم:

الظلم المطلق التام هو الشرك الذي هو وضع العبادة في غير موضعها، والأمن والهدى المطلق هو الأمن في الدنيا والآخرة، فالظلم المطلق التام مانع من الأمن والهدى المطلق، ولا يمنع ذلك أن يكون مطلق الظلم مانعاً من مطلق الأمن ومطلق الهدى فتأمله، فالمطلق للمطلق والحصة للحصة. (٢)


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٨١)
(٢) الصواعق المرسلة (٣/ ١٠٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>