للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبوعمر:

الرزق في هذه الآية بمعنى الشكر، كأنه قال: وتجعلون شكركم لله على ما رزقكم من الماء أن تنسبوا ذلك الرزق إلى الكوكب. (١)

والظاهر من فعل المشركين -والله أعلم- أنهم كانوا يقصدون بقولهم:

... «مطرنا بنوء كذا وكذا»:

أن حركة النوء هى التى تسببت في إسقاط المطر، لا أنها هي الفاعلة بذاتها لذلك؛ يدل عليه قوله تعالى

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (العنكبوت/٦٣)

* أصل الأنواء:

أنْوَاء: جمع نَوء، وناء النجم أى طلع ونهض، والمعنى:

سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر، وطلوع رقيبه، وهو نجم آخر يقابله من ساعته في المشرق في كل ليلة، وإنما سُمي نوءًا؛ لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع - أي: نهض وطلع- وذلك الطلوع هو النوء، وبعضهم يجعل النوء السقوط، كأنه من الأضداد. (٢)

وقد كان أهل الجاهلية ينسبون نزول المطر إلى النجوم، فيقولون:

مُطرنا بنوء كذا، ويعتقدون أنه إذا سقط النجم الفلاني جاء المطر، وإذا طلع النجم الفلاني جاء المطر. (٣)


(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٦/ ٤٠٧)
(٢) الإتحافات السنية للمناوى (ص/٤٠) وشرح السنة (٤/ ٤٢٠) والنهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١٢٢)
(٣) والأنواء هي: منازل تُعرف للنجوم كانت معروفة عند العرب وهذه المنازل ينزل كل واحد من هذه النجوم أو يسقط في الشرق ينوءُ -أي يصعد - في مقابله نجمٌ في الغرب، كل ثلاثة عشر يوماً
فسميَ النجم بالنوء لأنه يصعد فيكون في مقابل ما سقط من النجم، وهم ثمانيةُ وعشرون منزلاً، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين، كل منزلاً فى ثلاثة عشر يوماً، فإذا ضربت ثماني وعشرون في ثلاثة عشر كان المحصلة عدد أيام السنة ثلاثمائة وأربع وستون يوماً.
*ولذلك كانوا يترقبون هذه الأنواء ويتابعونها حتى يعلموا النجم الذي سقط وما يتبعه من نجم ينئو أو يرتفع ويعلو بمقابله، وكانوا يرون أنه عند حدوث ما يكون من سقوط نجم ونوء نجم أخر أن ذلك يكون سبب في سقوط المطر، ويقولون مُطرنا بنوء كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>