للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ:

قَالَ فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا، حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ بِهِ ". (١)

*وفي رواية المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضى الله عنه-قَالَ:

كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللَّهَ». (٢)

* نقول:

ومن هذا الباب قد كان أهل الجاهلية ينسبون المطر إلى النوء، كما قد ورد في حديث الباب.

وعن أبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ-رضى الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ. (٣)

وقد ترجم البخاري باب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}

[الواقعة: ٨٢]، ثم روي حديث الباب: " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ..... ".

وكذلك روي مسلم بَابُ: بَيَانِ كُفْرِ مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِالنَّوْءِ:

عن ابْنُ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما- قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، قَالُوا: هَذِهِ رَحْمَةُ اللهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا " قَالَ:

فأنزل الله قوله {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: ٨٢]. (٤)

* والمعنى:

أى أن هذا الرزق الذى ساقه الله إليكم، والذى هو المطر كان يستحق منكم أن تشكروا الله - تعالى- عليه، ولكنكم جعلتم موضع الشكر التكذيب؛ وذلك لما نسبتم المطر إلى النوء، وهو قول جمهور المفسرين. (٥)


(١) أخرجه مسلم (٢٢٢٩)
(٢) متفق عليه. و (إبراهيم) وهو ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - من مارية القبطية، توفي وعمره ثمانية عشر شهراً.
(٣) أخرجه مسلم (٩٣٤)
(٤) أخرجه مسلم (٧٣)
(٥) وقال ابن القيم في تفسير الأية: أي تجعلون حظكم من هذا الرزق الذي به حياتكم - يعني القرآن - التكذيب به، وهو قول الحسن.
والراجح هو ما ذهب إليه جمهور المفسرين؛ وذلك لقول ابن عباس -رضى الله عنهما- أن سبب نزول الأية إنما هو نسبة المطر للأنواء، وهذا مما يأخذ حكم الرفع. وانظر التبيان في أقسام القرآن (ص/٢٣٦)
وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد (ص/٤٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>