قَلَبُوا الآية؛ لِذا تراهم يحتجّون بالقدر في حال المعايب، يقولون: هذا بقدَر الله!.
وهنا كلام بديع لشيخ الإسلام ابن تيمية، يقول:
"وأمّا آدم -عليه السلام- فإنه قال:{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف: ٢٣]، فمَنِ استغفرَ وتاب كان آدميّاً سعيداً، ومَن أصرَّ واحتجَّ بالقدر كان إبليسيّاً شقيّاً؛ وقد قال - تَعالَى - لإبليس:{لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} ". (١)
* العبد بين المقدور والمأمور:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"وجِماعُ ذلك: أنّهُ لا بُدَّ له في الأمر مِن أصلينِ:
ففي " الأمر ":
عليه الاجتهاد في الامتثال علماً وعملاً، ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور وتعدّيهِ الحدودَ؛ ولِهذا كان من المشروع أن يَختمَ جميع الأعمال بالاستغفار، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا انصرفَ مِن صلاته استغفرَ ثلاثاً، وقد قال الله - تَعالَى -: {... وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}[آل عمران: ١٧]، فقاموا بالليل، وختموه بالاستغفار، وآخرُ سورةٍ نزلت: قولُ الله - تَعالَى -: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}[النصر: ١ - ٣]، وفي الصحيح: أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يُكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:«سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأوَّلُ القرآنَ.
وأما في " القدَر ":
فعَلَيْهِ أن يستعين بالله في فعل ما أُمر به، ويتوكلَ عليه، ويدعوَه، ويَرْغَبَ إليه، ويَستعيذَ به، ويكونَ مُفتقراً إليه في طلب الخير وترْك الشر؛ وعليه أن يصبر على المقدور، ويَعْلَمَ أنّ ما أصابَهُ لم يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وما أخطأَهُ لم يكُن لِيُصِيبَهُ؛ وإذا آذاه الناسُ عَلِمَ أنّ ذلك مقدَّرٌ عليه. وقد جَمَعَ الله -سبحانه- بينَ هذينِ الأصلينِ في مواضعَ، كقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ