للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالإسلام، ولا يعرف حدوده فإنه إذا أنكر شيئاً منها جهلاً به لم يكفر، وكان سبيله سبيل أولئك القوم في بقاء اسم الدين عليه.

فأما ما كان الإجماع فيه معلوماً من طريق علم الخاصة، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وأن القاتل عمدا لا يرث وأن للجدة السدس، وما أشبه ذلك من الأحكام فإن من أنكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة. (١)

ومن نصوص شيخ الإسلام ابن تيمية في التفريق بين المسائل الجَلِيّة والخَفِيّة:

قولُه -رحمه الله-:

" في المقالات الخفية قد يقال: إنه فيها مخطئ ضالّ، لم تقُم عليه الحجة التي يكفُر صاحبها؛ لكن ذلك يقع في طوائفَ منهم في الأمور الظاهرة التي تَعلَم العامة والخاصة من المسلمين أنها من دين المسلمين، مثل:

أمْره بالصلوات الخمس، ومثل معاداته لليهود والنصارى، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك، ثم تجد كثيراً من رؤسائهم وقعوا في هذه الأمور فكانوا مرتدين. (٢)

قال الشافعى:

وعلم عامة هو ما لا يسع بالغاً غير مغلوب على عقله جهله، مثل الصلوات الخمس، وأن لله -تعالى- على الناس صوم شهر رمضان، وحج البيت إذا استطاعوه، وزكاة في أموالهم، وأنه حرَّم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر، وما كان في معنى هذا، وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر، ولا التأويل، ولا يجوز فيه التنازع". (٣)

* لكن نقول:

إذا كان الجهل عذراً في عدم وصف الشخص الذي فعلَ كفراً، فإنّ المراد بالجهل هُنا هو:

عدم بلوغ الحُجة، وليس عدم فَهم الحجة.

فإنْ قِيلَ: وما الفارق بينهما؟

قلنا:

أما قيام الحجة فهو أن تَصِلَه الأدلة الشرعية بِلُغةٍ يَفهمُها مِثْلُه، وبلسان


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١/ ٢٠٥)
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٥٤).
(٣) الرسالة (ص/٣٥٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>