للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الدرجة من القَدَر يكذِّب بها عامّةُ القدرية الذين سمَّاهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: مَجُوسَ هذه الأمّة". (١)

... وختاماً نقول:

إن باب القدر باب من الخطورة بمكانٍ، فَلَكَمْ زلَّت فيه أقدامٌ، وضلَّت فيه أفهامٌ.

وصدقَ ابن القيم -رحمه الله- إذ يقول:

"القدر بحرٌ محيطٌ لا ساحلَ له، وقد سلك الناس في هذا الباب في كلّ وادٍ، وخاضت فيه الفرَق على تبايُنها واختلافها، وصنَّفت فيه الطوائفُ على تنوُّع أصنافها، وكلٌّ قد اختار لنفسه مذهباً لا يعتقد الصواب في سِواه،، وكلهم -إلا من اهتدى بالوحي- عن طريق الصواب مصدود، وباب الهُدى في وجهه مسدود، قد قَمَّشَ علماً غير طائل، وارتوى من ماء آجِن "، قد طاف على أبواب المذاهب، ففاز بأخسِّ الآراء والمَطالب". (٢)

أقول:

فعلى العبد إنْ قَصُرَ فَهمه عن إدراك حقيقة القدر من كتاب الله والسنة وما سطَّره الراسخون من الأئمة، فعليه أنْ يقف على هذه الأصول الأربعة، فإنها -إن شاء الله- تُلَمْلِمُ له شَتاتَ ذهنِه، وتُرشده لما قدَّره الله -تعالى- بحكمته وإذنه.

... وهذه الأصول هي: (كمال المِلْكية / كمال العَدْل / كمال الحِكمة / كمال الاصطفاء).

١) الأصل الأول: (كمال الملكية):

قال -تعالى-: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٢٠]، وقال اللَّه -تعالى-: {قُلِ اللَّهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ...} [آل عمران: ٢٦]، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

«مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ -إذَا أَصابَهُ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ-: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ. أَسْأَلُكَ


(١) العقيدة الواسطية، اعتقاد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة (ص/١٠٨).
(٢) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والتعليل (١/ ٤٤، ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>