للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذا فقد أخبرالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن خصال أهل الجاهلية، والتى كان منها: " الْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ... ".

فتعلَّقت نفس القائل بهذا السبب، ونسي نعمة الله عزوجل، وهذا الكفر لا يخرج من الملة، لأن المراد نسبة المطر إلى النوء على أنه سبب، وليس إلى النوء على أنه فاعل، وهذا مما يُطلق عليه " كفر النعمة ". (١)

* ومما يدل على ما ذكرناه:

من القرآن:

قال تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢)) (النحل: ١١٢)

*ومن السنة:

ما رواه أبو هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُبَيِّتُ الْقَوْمَ بِالنِّعْمَةِ، ثُمَّ يُصْبِحُونَ، وَأَكْثَرُهُمْ كَافِرُونَ، يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا ". (٢)

* وهنا نطرح سؤالاً:

ما حكم هذا القائل بنسبة المطر إلى النوء؟؟

* وجواب هذا السؤال على تفصيل: (٣)

١ - نسبة المطر إلى النوء على سبيل الاستقلالية:

وأما من نسب المطر إلى النوء على أنه الخالق له المنزل له فلا شك في كفر هذا القائل لذلك، وهذا شرك في الربوبية، وهو من كفر التشريك، والقاعدة عند أهل العلم في ذلك:

" كل من اعتقد في غير الله -تعالى- ما لا يُعتقد إلا في الله -تعالى - فقد وقع في الكفر الأكبر "

فالله -عزوجل- هو الخالق والمنزل للمطر، قال تعالى (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) (الواقعة/٦٩).

والمطر مربوب لله تعالى، كما ورد في قوله - صلى الله عليه وسلم - عن المطر: (أنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ نسبة)، وعليه فإن نسبة المطر إلى النوء على سبيل


(١) الفروع لابن مفلح (١/ ٥٦٨)
(٢) أخرجه أحمد (١٠٨٠٠) وحسَّنه الأرنؤوط.
(٣) هذا التفصيل قد ورد بمعناه في عدة مواضع من كلام أهل العلم، منها ما نقله البيهقي عن الشافعى في
" السنن الكبري" (٣/ ٤٩٩) ونص عليه الباجي في " المنتقى" (١/ ٣٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>