للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستقلالية إنما هو شرك في الربوبية.

* وكذلك هو شرك في الأسماء والصفات:

فقد قال تعالى (ِإنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان/٣٤)

وقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم:

«مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللهُ، لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللهُ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلاَّ اللهُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللهُ». (١)

فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يعلم متى يجيء المطر إلا الله، فلو كان المطر من قبل الأنواء -على ما زعموا - لما اختص الله -تعالى- بعلم وقت سقوط المطر، ولكان النوء شريكاً لله -تعالى- في صفة علمه عزوجل للغيب. (٢)

* ومما يدل أيضًا على أن ذلك من الشرك الأكبر:

أن هذا من الإلحاد فى آيات الله، فآيات الله نوعان:

(١) آيات كونية. ... (٢) آيات شرعية.

فمن يحرِّف آيات الله -تعالى- فهذا من الإلحاد في آياته الشرعية، قال تعالى

(مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) (النساء: ٤٦)

وأما الإلحاد فى آيات الله الكونية:

فذلك بأن يربطها بغير فعل الله تعالى، كمن يقول: «غضب الطبيعة»، هذا من الإلحاد فى آيات الله الكونية؛ لأن الطبيعة مخلوقة لله عزوجل.

ويدخل في الإلحاد في آيات الله -تعالى-الكونية:

نسبة المطر إلى غير الله تعالى.

قال ابن رجب:

فإضافة نزول الغيث إلى الأنواء، إن اعتقد أن الأنواء هي الفاعلة لذلك،

المدبرة له دون الله عز وجل، فقد كفر بالله وأشرك به كفراً ينقله عن ملة

الإسلام. (٣)

٢) نسبة المطر إلى النوء على سبيل السببية:

كأن يقول " مُطرنا بنوء كذا وكذا "،


(١) أخرجه البخاري (١٠٣٩)
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٨/ ٢٩٤)
(٣) فتح الباري لابن رجب (٩/ ٢٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>