للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو بَكْرٍ، ...

من المسائل التى نشأ فيها الخلاف بين العلماء مسألة تنصيب أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - للخلافة، هل كانت بالتنصيص عليها من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أم كانت باختيار أهل الحل والعقد من صحابة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟

١) القول الأول:

أن خلافة أبي بكر- رضي الله عنه - إنما ثبتت بالاستخلاف؛ وذلك لما ورد من الإشارات الدالة على ذلك، وممن قال بذلك: ابن حجر الهيتمي، والحسن البصري، وهو رواية عن أحمد، وهو قول الطبري، وابن حزم الظاهري، واستدلوا بما يلى:

١) قَوْله تَعَالَى {قل للمخلفين من الْأَعْرَاب ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد تقاتلونهم أَو يسلمُونَ} (الفتح/١٦)

وقد استدل ابن أبي حاتم وابن قتيبة وغيرهما بهذه الآية على حجية خلافة الصديق رضى الله عنه؛ لأنه هو الذي دعا إلى قتالهم، بل نص ابن سريج على أن خلافة الصديق ثابتة في القرآن بهذه الآية. (١)

٢) عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ -رضى الله عنه- قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، قَالَتْ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِن جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تُرِيدُ المَوْتَ - قَالَ:

«إِنْ لَمْ تَجِدِينِي، فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ». (٢)

٣) وعن عائشة -رضى الله عنها- أن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

" لَقَدْ هَمَمْتُ - أَوْ أَرَدْتُ - أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ: أَنْ يَقُولَ

القَائِلُونَ - أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ - ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ " (٣)

وقوله: "أو يتمنى المتمنون".

يريد - والله أعلم - تتمنوا غير خلافة أبي بكر.

وقوله: أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَأَعْهَدَ: العهد بالخلافة، وهو ظاهر السياق. (٤)


(١) الصواعق المحرقة (ص/٥٠)
(٢) متفق عليه. وقد ترجم له البخاري، بَابُ الِاسْتِخْلَافِ.
(٣) أخرجه البخاري (٥٦٦٦) وقد رواه البخاري تحت باب الِاسْتِخْلَافِ.
(٤) وانظرفتح الباري (١٠/ ١٢٥) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (٣٢/ ٦٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>