للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم روى قول أَبى هُرَيْرَةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاقٍ». (١)

ب) وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل: فِيمَا الْعَمَلُ الْيَوْمَ؟

أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ؟ فقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا، بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ». (٢)

** أهم الفوائد المستخرجة من حديث الباب:

١) الأولى: بيان أوّلُ المخلوقات التى خلقها الله تعالى:

للسلف في هذه المسألة قولان:

القول الاول:

قال به ابن جَرير الطبري وابن الجوزي، قالوا: أول المخلوقات هو القلم، واستدلوا على ذلك بأدلة:

١) حديث الباب، وذلك في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ، ... "

٢) وعن ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

«أَوَّلُ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: الْقَلَمُ، فَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ -وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ- فَكَتَبَ الدُّنْيَا وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ عَمَلٍ مَعْمُولٍ، بِرٍّ أَوْ فُجُورٍ، رَطْبٍ أَوْ يَابِسٍ، فَأَمْضَاهُ عِنْدَهُ فِي الذِّكْرِ»، ثُمَّ قَالَ: «اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: ٢٩]». (٣)

القول الثاني:

أن العرش هو أول المخلوقات، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وشارحِ الطحاوية، وقال ابن حجرٍ نقلاً عن أبي العلاء الهمداني:

إنه قول الجمهور، ومال إليه ابن حجر، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قول كثير من السلف والخلف، واستدلوا


(١) وقد علقه البخاري في كتاب القدر من الصحيح، بَابٌ: جَفَّ القَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ (٨/ ١٢٢)، وقد وصله في كتاب النكاح (٥٠٧٦) - بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ وَالخِصَاءِ.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٤٨).
(٣) أخرجه الآجُرِّيّ في الشريعة (١٧٨)، وابن أبي عاصم في السنة (١٠٦)، وصححه الألباني في الصحيحة (٣١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>