للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك بأدلة:

١) حديث البخاري الذي سُئل فيه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ، فقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ». (١)

وجه الدلالة: أنه في وقت حدوث الكتابة الأزلية كان العرش على الماء، فدلَّ ذلك على أنه لمَّا خُلق القلم كان العرش مخلوقاً على الماء؛ فدل ذلك على أن العرش هو أول المخلوقات.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"ولفظ الحديث المعروف عند علماء الحديث الذي أخرجه أصحاب الصحيح:

«كان اللهُ ولا شيءَ معه، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء»

وهذا إنما ينفي وجود المخلوقات من السماوات والأرض وما فيهما من الملائكة والإنس والجن، لا ينفي وجود العرش؛ ولهذا ذهب كثير من السلف والخلف إلى أن العرش متقدِّم على القلم واللَّوْح، مستدلّينَ بهذا الحديث". (٢)

... يؤيد ذلك:

ما صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفاً:

" «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ الْقَلَمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (٣)

وهذا له حُكم الرفع؛ لأن هذا من الغيبيات التي لا تقال بالرأي.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقاً على حديث الباب -حديث عبادة بن الصامت- ما نصُّه:

"فهذا القلم خلقه لمّا أمرَه بالتقدير المكتوب قَبْلَ خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان مخلوقاً قبلَ خلق السماوات والأرض، وهو أولُ ما خلق


(١) أخرجه البخاري (٧٤١٨) ومسلم (٢٦٥٣)، واللفظ للبخاري.
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٧٥).
(٣) أخرجه الدارميّ في الرد على الجهمية (٤٤)، والآجري في الشريعة (٣٥١)، وصححه الألباني في مختصر العلوّ (ص ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>