للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: ٦٢]. (١)

**الفائدة الثالثة:

مقتضى كلمة "لا إله إلا الله":

المقصود الأعظم من هذه الكلمة إنما هو: تحقيق معناها في القلب، مع النطق بها باللسان، والقيام بمقتضاها بالجوارح.

ولا أدلَّ على ذلك مِنْ: إجماع السلف على أنّ مَن نطقَ الشهادة ولم يعتقدْ معناها ولم يعملْ بمقتضاها، فإنه لا يكون مسلماً، ويُقاتَلُ على ذلك، حتّى يعملَ بما دلَّت عليه من النفي والإثبات.

*قال عبد الرحمن بن حسن:

فقوله -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ...» أيْ:

مَن تكلّمَ بها عارفاً لمعناها، عاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً؛ فلا بد في الشهادتينِ من العلم واليقين والعملِ بمدلولهما، كما قال الله -تعالى-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [محمد: ١٩]، وقوله: {إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦]؛

أمّا النطق بها مِن غير معرفة لمعناها ولا يقينٍ ولا عملٍ بما تقتضيه -مِن: البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل (قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح) - فغيرُ نافع بالإجماع، وفي الحديث ما يدلّ على هذا، وهو قوله: «مَنْ شَهِدَ»؛ إذْ كيفَ يَشهدُ وهو لا يَعلمُ، ومجرَّدُ النطقِ بالشيء لا يسمَّى شَهادةً به". (٢)

* الفائدة الرابعة:

"لا إله إلا الله" مركَّبة من: نفي، وإثبات، وهما رُكْنا شهادة التوحيد، فقوله "لا إله" فيه نفي استحقاق العبادة عمَّن سوى الله، وقولُه "إلا الله" فيه إثبات العبادة لله -تعالى- وحده لا شريك له.

** وتحقيق كلمة التوحيد إنما يُبنى على النفي والإثبات، وهذا هو حقيقة التوحيد؛ فالنفي المَحْضُ ليس بتوحيدٍ، وكذلك الإثبات دُونَ نفيٍ لا يمنع المشارَكةَ، فلا يكون


(١) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ٦١).
(٢) انظر فتح المَجيد (٣٩ - ٤١)، والمختصر المفيد في عقائد أئمة التوحيد (ص/٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>