للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد إلا متضمِّناً للنفي والإثبات. (١)

** وهذا ما نستقرئه من مواضعَ عديدةٍ:

فمن القرآن:

قال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْراهِيمُ لأبيه وَقَوْمِهِ إنني بَرَاء مّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِى فَطَرَنِى...} [الزخرف: ٢٦ - ٢٨]،

وقوله -تعالى- على لسان إبراهيم -عليه السلام-: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٧٧]،

وقال -تعالى-: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: ٢٥٦]،

وقال -عز وجل-: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [النساء: ٣٦]،

*ومن السنة:

في حديث جبريل -عليه السلام- قَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-:

«الإِسْلَامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ، وَلا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً». (٢)

** ولا أدلَّ على ذلك مِنْ حرصِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تأكيد هذا الأصل دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ، فكان يقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ». (٣)

** وهذا الأصل -الذي هو النفي والإثبات- لا يُحقَّق التوحيد إلا به، فالإثبات وحدَه لا يكفي للحكم بإسلام المرء، فمَن أثبتَ العبادة لله قولاً وعملاً، ولكنْ ما نفاها عن غيره، فسوَّغَ لغيره -مثلاً- أن يعبد غيرَ الله -تعالى- فهذا كافرٌ، حتى لو أفردَ العبادة لله -تعالى-؛ لأنّ هذا اعترافٌ منه أنّ غير الله -تعالى- يستحق أن يُعبد.

* ولقد قاتلَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- المشركين الذين حقّقوا طرفاً من الإثبات على عِوَجٍ منهم في ذلك؛ لأنهم ما حققوا نفي الألوهية عمَّن سوى الله تعالى، وقد حكى الله


(١) التّخَلّي عن التقليد والتّحلّي بالأصل المفيد (ص/٧٣).
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه مسلم (٥٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>