للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتأمل:

قد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم- عن أمرين: عن الشرك، ووسائله.

فسؤاله عن الشرك في قوله: هل كان فيها وثن؟، وسؤاله عن وسائله في قوله:

هل كان فيها عيد من أعيادهم؟. (١)

فقوله صلى الله عليه وسلم: (فأوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله)

دل على أن مشابهة المشركين في أفعالهم، ولو ظاهراً إنما هو معصية لله عزوجل، وعندها لايغنى عن المرء صدق نيته، بل لا بد أن يقرن بصدق النية حسن العمل.

... ومن هذا الباب فقد سد الشرع الباب على أناس يغالون في الصالحين ويرفعونهم فوق مكانتهم، لئلا يقع منهم شرك في المحبة والدعاء.

وقد وقع المحظور حتي تعلَّقت القلوب بالقبور، وتوجهوا إليها بما لا يُتوجه به إلا لله عزوجل، واعتقدوا فيها ما لا يُعتقد إلا في الله عزوجل.

*وهذا فيه عدة مسائل: المسألة الأولى: كيف بدأ شرك القبور؟؟

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: ذَكَرَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَ - رضي الله عنهما - لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَقَالَ:

" إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (٢)

*فمن هنا جاءت بداية تزيين الشيطان لعبادة وتعظيم الصالحين والتعلق بالقبور.

فكانوا إذا مات منهم الرجل الصالح جاء الشيطان لقومه فأوحى إليهم:

أن اصنعوا له صورة؛ حتي اذا ما رأيتم صورته ذكرتم عبادته وصلاحه وتقواه؛

فيكون هذا حافزاً لكم علي ان تقتضوا بفعله و هديه.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ:

صَارَتْ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ


(١) القول المفيد شرح كتاب التوحيد (١/ ٢٣٦)
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>