للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَرَ بحرف منه كَفَرَ به أجمع. (١)

ففي هذه الأحاديث حجة على جواز الحلف بأسماء الله -تعالى - و صفاته و أفعاله، فإذا حنث فقد وجبت عليه الكفارة، ولا نزاع في أصل ذلك وإنما الخلاف في أي صفة تنعقد بها اليمين، والتحقيق أنها مختصة بالتي لا يشاركه فيها غيره كمقلب القلوب. (٢)

قال ابن الملقن:

أهل السنة أجمعوا على أن صفات الله أسماء له (٣)، ولا يجوز أن تكون صفات غيره، فالحلف بها كالحلف في أسمائه يجب فيها الكفارة، ألا ترى أنه - عليه السلام - كثيرًا ما كان يحلف "لا ومقلب القلوب"، وتقليبه لقلوب عباده صفة من صفاته، ولا يجوز على الشارع أن يحلف بما ليس بيمين؛ لأنه قال: "من كان حالفًا فليحلف بالله ". (٤)

قال ابن هبيرة:

أجمعوا على أن اليمين منعقدة بالله وبجميع أسمائه الحسنى وبجميع صفات ذاته، كعزته وجلاله وعلمه وقوته وقدرته. (٥)

*يؤيده:

أن الحلف بصفات الله -تعالى- كالاستعاذة بها، فإذا كانت الاستعاذة لا تكون إلا بالله في مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم {أعوذ بوجهك} {وأعوذ بكلمات الله التامات} {وأعوذ برضاك من سخطك} ونحو ذلك، فكذلك الحلف، وهذا أمر متقرر عند العلماء. (٦)

٤ - الفائدة الرابعة:

قد دل حديث الباب على أن الحلف بغير الله -تعالى - منهى عنه، ولا ينعقد به يمين، ووجه الدلالة أن عمر -رضى الله عنه - لما قال: لَا وَأَبِي، سَمِعَه رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:

لَا


(١) أخرجه مسدد (المطالب ٢/ ٢٣٦) وانظر " ما صح من آثار الصحابة في الفقه " لزكريا بن قادر الباكستاني (٣/ ١١٣٠)
(٢) وانظر فتح الباري شرح صحيح البخاري (١١/ ٧٣٥) وتحفة الأحوذي (٥/ ١٢٠) وتفسير القرطبي (٦/ ١٧٤)
(٣) يقصد المصنف بصفات الله الصفات المعنوية لأن الاشاعرة الذين عبر عنهم في السياق بأهل السنة لا يثبتون غيرها.
(٤) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٣٠/ ٢٩٤)
(٥) وانظرإجماع الأئمة الأربعة واختلافهم (٢/ ٢٣٩) واقتضاء الصراط المستقيم (ص/٥٥٤) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (٣٠/ ٢٥٦)
(٦) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٢٧٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>