للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستغاثة بهم والذبح والنذر لهم؛ وهذا أعظمُ وأكبرُ مِن فِعل الذين اتخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً من دون الله، وأقبحُ من فعل الذين قالوا: "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط".

*الحالات التي يكون فيها التبرك شركاً أصغر:

ويكون ذلك فيمن يعتقد أن البركة من الله تبارك وتعالى، لكنه يعتقد وجود أسباب البركة في أشياءَ مما ليس عليه دليلٌ: كمَوْضِعِ القبر الفُلانيّ، أو بُقْعةٍ معيَّنةٍ؛ لأن القاعدة تقول:

"كلُّ من اتخذ سبباً لم يُشرِّعْه اللهُ سبباً -لا شرعاً ولا قَدَراً- فقد وقعَ في الشرك الأصغرِ".

* وهنا سؤال:

الحاج حين يستلم الحَجَرَ الأَسودَ، هل يعتقد أن الحجر مصدر للبركة بذاته، أم يعتقد أن المسح على الحجر سبب للبركة؟

*والجواب:

من التمس الحجر الأسود معتقداً أن الحجر مصدر للبركة بذاته- فهذا من الشرك الأكبر؛ وأما من كان يعتقد أن المسح على الحجر سببٌ للبركة- فهذا من الشرك الأصغر؛ لِذا فالصحيحُ: أنه ينتوي في ذلك الاقتداءَ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بيَّنه عُمَرُ - رضى الله عنه-:

" لمَّا قَبَّلَ الْحَجَرَ قَالَ: "أَمَا وَاللهِ، لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ" (١)

فدلَّ ذلك على أن النية التي ينتويها مَن مَسَحَ على الحجر هي الاسْتِنان بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن ذات اتباع السنة من آكد أسباب حصول البركة.

*إذَن.. نقول:

التبرك بالأشياء له ضوابطُ ثلاثةٌ:

١) الاعتقاد أن البركة من الله -عز وجل- في أسمائه، وفي صفاته، وفي أفعاله؛ فمِن صفات الله الذاتية الفعلية: صفة التَّبارُك: قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ


(١) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>