للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم بالليل والنهار، وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام. (١)

* نقول:

فبقدر ما تحقق من حفظك لأوامر الله تعالى، بقدر ما يتحقق حفظ الله -تعالى - لك. ونظير ذلك ما قد ورد في قوله تعالى {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: ٣٦]،

فإنه بقدر ما تحقق من الامتثال والعبودية، بقدر ما يتحقق لك من الكفاية والهداية. قال الطبري:

يقول تعالى ذكره: (فَلَوْلا أَنَّهُ) يعني يونس (كَانَ مِنَ) المُصَلِّينَ لله قبل البلاء الذي ابتُلي به من العقوبة بالحبس في بطن الحوت (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) يقول: لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، يوم يبعث الله فيه خلقه محبوساً، ولكنه كان من الذاكرين الله قبل البلاء، فذكره الله في حال البلاء، فأنقذه ونجَّاه. (٢)

* حفظ الله - تعالى- لأولياءه:

عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:

" ركبت سفينة في البحر فانكسرت، فركبت لوحا منها فطرحني في أجمة فيها أسد، قال: فقلت: يا أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم،

قال: فطأطأ رأسه وجعل يدفعني بجنبه - أو بكتفه - حتى وضعني على الطريق، فلما وضعني على الطريق همهم، فظننت أنه يودعني " (٣)

*وهنا إشكال:

كيف الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: "احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ "، وبين ما يقع لأهل الإيمان من البلاء والمحن؟

* وجواب ذلك أن يقال:

أن الحفظ نوعان: " حفظ إيمان، وحفظ أبدان "

فأما حفظ الإيمان:

فهذا هو المراد بحديث الباب، فالعبد إذا ما حفظ الله -تعالى - فى أمره ونهيه فإن الله - تعالى - يحفظ عليه دينه وإيمانه، ويجعل له بصيرة تنجيه من مضلات الفتن و شبهات البدع، قال تعالى

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا) (الأنفال/٢٩)، وقال تعالى (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ


(١) تفسير القرآن العظيم (٥/ ٣٤٤)
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن (٢١/ ١٠٨)
وروى عن أنس -رضى الله عنه- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"أن يونس -علَيْهِ السلام - حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات، وهو في بطن الحوت، فقال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فأقبلت الدعوة تحف بالعرش، قالت الملائكة: يا رب، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيدة غريبة؟ فقال: أما تعرفون ذلك؟ قالوا: يا رب، ومن هو؟
قال: عبدي يونس. قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل، ودعوة مستجابة؟ قالوا: يا رب، أو لا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجِّيه في البلاء؟ قال: بلى. فأمر الحوت فطرحه بالعراء".
في سنده يزيد بن أبان الرقاشى، قال أحمد: "منكر الحديث"، وقال والنسائى: "متروك ".
قال الحافظ ابن كثير:
" لا يصح سنده؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس - ويزيد وإن كان من الصالحين - لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة". وانظر تهذيب التهذيب (٦/ ١٩٦) وتفسيرالقرآن العظيم (٧/ ٦٠) وأنيس الساري (٦/ ٤٣٦٥).
(٣) وانظر حلية الأولياء (١/ ٣٦٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>