للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما من قال بما لا يدري أن ذلك الميزان ذو كفتين فإنما قاله قياساً على موازين الدنيا، وقد أخطأ في قياسه!! (١)

٢ - الفائدة الثانية: ما الذي يوزن في الميزان يوم القيامة:

القول الأول: الذي يوزن هو الشخص نفسه:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:

" إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اقْرَءُوا، {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥]. (٢)

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مِمَّ تَضْحَكُونَ؟

قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ ". (٣)

* الثاني: أن الذي يوزن هو صحائف الأعمال:

وهو قول جمهور المفسرين، وقال به ابن عبد البر والقرطبي وغيرهما. (٤)


(١) وانظر "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (٢/ ٣٧٠)
وقد نسج على المنوال ذاته محمد رشيد رضا الذي أثبت ميزاناً عارٍ عن الكيفية، فقال في رده على الزجَّاج الذي نقل الإجماع على ثبوت الميزان بكفتين:
" وإذا لم يكن في الصحيحين ولا في كتب السنة المعتمدة حديث صحيح مرفوع في صفة الميزان، ولا في أن له كفتين ولساناً، فلا تغتر بقول الزجاج أن هذا مما أجمع عليه أهل السنة، فإن كثيراً من المصنِّفين يتساهلون بإطلاق كلمة الإجماع ولاسيَّما غير الحفَّاظ المتقنين، والزجاج ليس منهم، ويتساهلون في عزو كل ما يوجد في كتب أهل السنة إلى جماعتهم، وإن لم يعرف له أصل من السلف، ولا اتفق عليه الخلف منهم، وهذه المسألة مما اختلف فيه السلف و الخلف كما علمت!! وانظر تفسير المنار (٨/ ٣٢٢)
(٢) متفق عليه.
(٣) أخرجه أحمد (٣٩٩١) وابن حبان (٧٠٦٩)، وصححه الشيخ أحمد شاكر، وحسَّنه الألباني في الإرواء تحت حديث (٦٥) * وفي هذه الأثار رد على دعوى ابن حزم أن ميزان الآخرة لا يوزن فيه الأجسام، وإنما هو للأعراض والنيات.
" الدرة" (ص/٣٩٣)
(٤) وانظر الجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٦٥) ولوامع الأنوار البهية (٢/ ١٨٧) وتحفة المريد (ص/٢٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>