للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي عياض:

قوله صلى الله عليه وسلم (وأنت في صلب آدم): يشير بذلك إلى قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم.....) الآية، فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم. (١)

* تنبيه مهم:

قد حمل ابن كثيرقوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ....)

على أنه ميثاق الفطرة الوارد في حديث (كلُ مولودٍ يولدُ على الفطرةِ....)،

وتكلم في تعليل الحديث المرفوع الوارد في هذه المسألة، وجعل كثرة رواة وقفه علة في رد رواية من رفعه.

وممن قال بأن المراد بميثاق الذر ليس هو الاستخراج والاستنطاق، وإنما هو نفسه ميثاق الفطرة:

حمَّاد بن سلمة والحسن البصري وابن بطة، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم. (٢)

*والصحيح -والله أعلم - هو القول الأول، أن المراد بميثاق الذر هو ما ورد في حديث ابن عباس من الاستخراج والاستنطاق.

ولا شك أن الرفع الوراد في حديث ابن عباس - رضى الله عنهما- هى زيادة من ثقة، فهي مقبولة صحيحة.

وقد ورد مرفوعاً كذلك عن:

ابن عمر وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم. ولو سلمنا بوقفه فإن له حكم الرفع؛ وذلك لأنه حكم غيبي لا يعرف إلا بوحي.

*تنبيه مهم:

يجب ملاحظة أن شيخ الإسلام ومن وافقه من الأئمة لا ينفون إخراج ذرية آدم من صلبه وتمييزهم إلى فريقين، لثبوت الأحاديث المرفوعة فيه، وإنما الذي ينفونه هو أخذ العهد والميثاق عليهم حينئذ؛ وذلك لعدم صحة الأحاديث المرفوعة في ذلك عندهم.

فهم يدورون مع النص حيت دار، ويقفون معه حيث وقف.


(١) انظر إكمال المعلم بفوائد مسلم (٨/ ٣٣٧) وفتح الباري (١١/ ٥٦٢)
(٢) وانظر لذلك:
تفسير القرآن العظيم (٣/ ٣١٠) ودرء التعارض (٨/ ٤٤٧) والروح (ص/١٦١) والإبانه الكبرى (٤/ ٧٠) وشرح مشكل الأثار (١٠/ ٣٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>