للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبها يعلم الفرق بين قول هؤلاء الأئمة المحققين من أئمة أهل السنة في هذه المسألة، وبين قول المعتزلة فيها، فإن المعتزلة يقولون أنه لم يكن هناك إخراجٌ من صلب آدم في عالم الذر أصلاً، ناهيك عن الاستشهاد وأخذ الميثاق، وذلك لأن أحاديث الإخراج فيها إثبات القدر، فهم يردُّون جميع الأحاديث الواردة في الباب، والتي فيها إثبات القدر السابق بتمييز الناس إلى فريقين:

أهل سعادة وأهل شقاوة، وما ذلك إلا موافقة للهوى.

٢ - الميثاق الثاني "ميثاق الفطرة":

ومن أدلة هذا الميثاق: قوله تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) (الروم/٣٠)

وفي الحديث القدسي:

عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ-رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:

قال الله تعالى " إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا.. " (١)

* ومن السنة حديث الباب:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟، ثُمَّ يَقُولُ:

أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -:

وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ}. (٢)

وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة): هذا نص في العموم، فيشمل كل من وُلد من أبوَين، مسلمَين كانا أوغير مسلمَين.

فإذا سألت: ما المراد بالفطرة في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ.. "؟؟

فالجواب:

الراجح- والله أعلم -أن المراد بالفطرة هنا هو ملة الإسلام، ويؤيد هذا وجوه:


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٥)
(٢) سبق تخريجه تقريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>